التوبة.. درجات سلَّم المعرفة
صفحة 1 من اصل 1
التوبة.. درجات سلَّم المعرفة
ما أعظم مراحم الرب إلهنا لمن يقدِّمون توبة عن خطاياهم، إذ نراه فاتحا أحضانه لهم ويقبلهم فرِحا! وما أعظم مراحم إلهنا بالأكثر حتى نحو من يقاومون التوبة أو يرفضونها، إذ نراه في حنانه وطول أناته لا يرفضهم مثلما يرفضونه، بل بطرق كثيرة يسعى وراءهم، المرة تلو الأخرى، محاولاً استعادتهم من طريق الهلاك وإعادتهم لحضن الكنيسة!..
’التوبة‘ يعبَّر عنها في كلمات بسيطة بأنها ’تغيير الاتجاه‘، بمعنى أن يتعرف المرء على أي خطأ في حياته فيقوم بتغييره.. قد يكون تغيير الاتجاه من طريقة حياة سلبية يعيشها إلى طريقة أخرى إيجابية، أو قد يكون تغيير الاتجاه بالابتعاد عن الحياة في خطيَّة معينة، أو قد يكون تغيير الاتجاه في أسلوب التعامل مع الآخرين..
’التوبة الحقيقية‘ تعطي الإنسان ’عمقا روحيا‘، وتدخله بالضرورة في علاقة أعمق مع الله.. فلو أن شخصا يعتبر نفسه تائبا، وفي كل مرة ’يتوب ويعترف‘ على يد الأب الكاهن ولا ينتج عن توبته واعترافه ’عمقٌ روحيٌّ‘، فليحذر ذلك الشخص، فقد يكون في الواقع ’غير تائب‘ توبة حقيقية!..
الله من جانبه إذن، لا يرفض أيًّا من أولاده العائدين إليه بالتوبة.. لكننا نحن في حاجة لأن نعرف أكثر ما هي ’التوبة‘، ونعرف كيف نقدِّم توبة حقيقية.. وهكذا يمكننا أن نتعرف على الدرجات الأربع التالية، كدرجات سلَّم متكاملة في فكر التوبة، تصل بنا مجتمعة إلى طريق الحياة الذي يريدنا السيد المسيح أن نسير فيه :
(أولا) المعرفة العقلية:
يقول الوحي الإلهي على لسان هوشع النبي: ” قَدْ هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ..“ (هو4 :6).. من الممكن إذن أن يؤدي الجهل وقلة المعرفة إلى الهلاك! كم منا من يعرفون الله كما يجب؟ نحن بحاجة لأن نعرف الله أكثر.. قوته ومحبته.. عدله ورحمته.. غفرانه.. وكيفية تعامله معنا وقت خطايانا.. إن من لديهم مثلا عمق الاعتقاد في محبة الله دون عدله، قد يتهاونون في حق الله لحساب ما لا يستحق من أمور حياتهم اليومية؛ بينما من لديهم عمق الاعتقاد في عدل الله دون رحمته، قد يسقطون في اليأس ويبتعدون بأنفسهم عن وسائط خلاصهم بحجة أنهم خطاة لا يمكن أن تُغفر خطاياهم..
لقد كتب القديس يوحنا ذهبي الفم ذات يوم، كلمات قوية ومعبِّرة وجهها لصديقه الراهب ثيئودور، الذي كانت له قامة روحية عالية قبل أن يسقط في الخطية وينحدر إلى الإحباط وصغر النفس معتقدا أنه ليست له مغفرة، فقال له ذهبي الفم في رسالة مملوءة بالمحبة والرجاء : ”اِعلم أنك عندما أخطأت في حق إلهك فقد أحزنت قلب المسيح، وعندما رفضت الرجوع فقد صفعته على وجهه“..
هكذا فإننا بحاجة لعمق ’المعرفة العقلية‘ ونحن على طريق التوبة.. وسائلنا لتعميق هذه المعرفة هي الكتاب المقدس.. القراءة الكثيرة والاستماع الكثير لمعرفة معاملات الله للإنسان.. وهكذا نحن بحاجة لتغيير نظام حياتنا اليومي المشغول بالكثير من هموم الحياة، بما يفسح الوقت لتعميق هذه المعرفة العقلية، فهذه هي أول درجة في سلَّم فكر التوبة الحقيقية..
(ثانيا) المعرفة الحسية أو الوجدانية:
العلاقة بيننا وبين الله ليست مجرد معلومات.. الخطوة التالية هي ترجمة هذه المعرفة العقلية إلى أحاسيس ومشاعر.. حديثي عن صورة كوب ماء مرسومة على الحائط شيء، وحديثي عن كوب ماء شربتُ وارتويتُ منه شيء آخر، وهكذا بعد مرحلة المعلومات، لا بد لي أيضا أن أعطي وقتا للعلاقة بيني وبين الله، تُتَرْجَم فيه المعلومات إلى أحاسيس ومشاعر..
في المعرفة الحسية، لا يكفي الانفعال العابر بعظة نسمعها في أحد الاجتماعات، أو بحضور قداس نتعزى روحيا من خلاله، وإلا صرنا مثل قطعة الفحم التي عندما تشتعل من خارجها ثم تُترك جانبا دون أن ينفخ فيها أحد، تنطفئ سريعا مرة أخرى!.. مستوى الاشتعال المطلوب والمفيد لقطعة الفحم هو حين تشتعل هي ذاتُها من الداخل، لا الاشتعال من الخارج لمجرد الوجود بصورة عابرة أو مؤقتة وسط الفحم المشتعل.. هكذا نحن، معرفتنا الحسية بالرب إلهنا لا تنمو من خلال الاكتفاء بدور تلقِّي المعرفة، بل تتعمق من خلال الصراع في المخدع بالصلاة والقراءة، فتصير لنا الحرارة الروحية النابعة من الداخل.. لا يكفي مثلا، حضورنا اجتماع درس كتاب أو اجتماعا أسبوعيا كمجرد مستمعين دون أن يكون لنا بعد ذلك جهادنا الشخصي في الحديث مع الرب إلهنا بالصلاة.. ولا يفيد أن نؤدي صلواتنا ’كما لقوم عادة‘ أو كما لو كانت ’تعويذة‘ للبركة، دون أن يكون لنا التلامس القلبي الداخلي مع الله، لئلاَّ ينطبق علينا قول الرب: ”هَذَا الشَّعْب قَدِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ بِفَمِهِ وَأَكْرَمَنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَأَبْعَدَهُ عَنِّي“ (إش29 :13).. هكذا فِكرُ التوبة الحقيقية، يتضمن المعرفة الوجدانيَّة الحسِّية التي تظهر في مشاعر وعلاقة خاصة تربط بيننا وبين ربنا..
(ثالثا) المعرفة الاختبارية:
هذه هي درجة التطبيق العملي والسلوكي لفكر التوبة، وهي بمثابة الخبرة الاختبارية في تطبيق المعلومات العقلية.. لا يمكننا أن نتصور شخصا ممسكا بالكتاب المقدس تحت إبطه جيئة وذهابا، بينما لا يمكنه أن يسامح أخاه عند حدوث نزاع معه! ولا يمكننا أن نتصور شخصا يتناول كل يوم من الأسرار المقدسة، وعند عودته للبيت يعلو صوته ويرتفع صراخه في البيت وفي الموجودين به!.. من غير المعقول أو المقبول أن تكون المعلومات العقلية غير مطبَّقة عمليا وسلوكيا، أو غير منعكسة في المعاملات مع الآخرين..
مثلا.. يقول السيد المسيح : ”فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئاً عَلَيْكَ، فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ وَاذْهَبْ أَوَّلاً اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ“ (مت5 :23، 24).. وهكذا لا تسمح قوانين الكنيسة للمتخاصمين بالتناول من الأسرار المقدسة.. فأي سبب للخصام والخصومة يستحق الحرمان من جسد الرب ودمه؟! كم منا يقيِّم جسد المسيح ودمه بكفَّة ميزان مقابل خصومته، ليقول لنفسه سوف أتصالح مع من هم حولي حتى وإن كانوا هم المخطئين في حقي؟؟ ”وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا. إِنْ سَمِعَ مِنْكَ فَقَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ“ (مت18 :15)
(رابعا) المعرفة الاتحادية:
بهذه الدرجة يسمو بنا فكرُ التوبة الحقيقية لنصل إلى ”.. قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ“ (أف4 :13).. هذه المعرفة الاتحادية نأخذها خطوة خطوة في كل مرة نتناول فيها من جسد الرب ودمه.. إن من يسلك في حياة التوبة بدرجاتها المتكاملة يشبه لوحة تكتمل ملامحها خطوة خطوة حتى تصل إلى الصورة المكتملة..
إنني في الواقع كل مرة آخذ فيها ’معرفة عقلية‘، وأطبقها ’حسِّيا‘، وأختبرها ’سلوكيا‘ : تتقدم صورتي خطوة نحو الاكتمال؛ فتكتسي حياتي بصورة من صور ربنا يسوع المسيح، وهكذا’يَزِيدُ‘هو، وأنا ’أَنْقُصُ‘، على حد قول القديس يوحنا المعمدان (يو3 :30)، وأصير شاهدا حقيقيا للرب يسوع المسيح، مثلما قال لتلاميذه قبل صعوده : ”تَكُونُونَ لِي شُهُوداً.. وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ“ (أع1 :.. وأصير أنا نفسي إنجيلا مقروءًا مثلما َقَالَ لَهُمُ: ”اِذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا“ (مر16 :15)..
كلما طبقتُ على حياتي درجات المعرفة هذه، أتحد بالمسيح أكثر.. أقترب منه أكثر.. أصير أكثر شبها به.. بحيث ”أَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ“ (غل2 :20)..
’التوبة‘ يعبَّر عنها في كلمات بسيطة بأنها ’تغيير الاتجاه‘، بمعنى أن يتعرف المرء على أي خطأ في حياته فيقوم بتغييره.. قد يكون تغيير الاتجاه من طريقة حياة سلبية يعيشها إلى طريقة أخرى إيجابية، أو قد يكون تغيير الاتجاه بالابتعاد عن الحياة في خطيَّة معينة، أو قد يكون تغيير الاتجاه في أسلوب التعامل مع الآخرين..
’التوبة الحقيقية‘ تعطي الإنسان ’عمقا روحيا‘، وتدخله بالضرورة في علاقة أعمق مع الله.. فلو أن شخصا يعتبر نفسه تائبا، وفي كل مرة ’يتوب ويعترف‘ على يد الأب الكاهن ولا ينتج عن توبته واعترافه ’عمقٌ روحيٌّ‘، فليحذر ذلك الشخص، فقد يكون في الواقع ’غير تائب‘ توبة حقيقية!..
الله من جانبه إذن، لا يرفض أيًّا من أولاده العائدين إليه بالتوبة.. لكننا نحن في حاجة لأن نعرف أكثر ما هي ’التوبة‘، ونعرف كيف نقدِّم توبة حقيقية.. وهكذا يمكننا أن نتعرف على الدرجات الأربع التالية، كدرجات سلَّم متكاملة في فكر التوبة، تصل بنا مجتمعة إلى طريق الحياة الذي يريدنا السيد المسيح أن نسير فيه :
(أولا) المعرفة العقلية:
يقول الوحي الإلهي على لسان هوشع النبي: ” قَدْ هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ..“ (هو4 :6).. من الممكن إذن أن يؤدي الجهل وقلة المعرفة إلى الهلاك! كم منا من يعرفون الله كما يجب؟ نحن بحاجة لأن نعرف الله أكثر.. قوته ومحبته.. عدله ورحمته.. غفرانه.. وكيفية تعامله معنا وقت خطايانا.. إن من لديهم مثلا عمق الاعتقاد في محبة الله دون عدله، قد يتهاونون في حق الله لحساب ما لا يستحق من أمور حياتهم اليومية؛ بينما من لديهم عمق الاعتقاد في عدل الله دون رحمته، قد يسقطون في اليأس ويبتعدون بأنفسهم عن وسائط خلاصهم بحجة أنهم خطاة لا يمكن أن تُغفر خطاياهم..
لقد كتب القديس يوحنا ذهبي الفم ذات يوم، كلمات قوية ومعبِّرة وجهها لصديقه الراهب ثيئودور، الذي كانت له قامة روحية عالية قبل أن يسقط في الخطية وينحدر إلى الإحباط وصغر النفس معتقدا أنه ليست له مغفرة، فقال له ذهبي الفم في رسالة مملوءة بالمحبة والرجاء : ”اِعلم أنك عندما أخطأت في حق إلهك فقد أحزنت قلب المسيح، وعندما رفضت الرجوع فقد صفعته على وجهه“..
هكذا فإننا بحاجة لعمق ’المعرفة العقلية‘ ونحن على طريق التوبة.. وسائلنا لتعميق هذه المعرفة هي الكتاب المقدس.. القراءة الكثيرة والاستماع الكثير لمعرفة معاملات الله للإنسان.. وهكذا نحن بحاجة لتغيير نظام حياتنا اليومي المشغول بالكثير من هموم الحياة، بما يفسح الوقت لتعميق هذه المعرفة العقلية، فهذه هي أول درجة في سلَّم فكر التوبة الحقيقية..
(ثانيا) المعرفة الحسية أو الوجدانية:
العلاقة بيننا وبين الله ليست مجرد معلومات.. الخطوة التالية هي ترجمة هذه المعرفة العقلية إلى أحاسيس ومشاعر.. حديثي عن صورة كوب ماء مرسومة على الحائط شيء، وحديثي عن كوب ماء شربتُ وارتويتُ منه شيء آخر، وهكذا بعد مرحلة المعلومات، لا بد لي أيضا أن أعطي وقتا للعلاقة بيني وبين الله، تُتَرْجَم فيه المعلومات إلى أحاسيس ومشاعر..
في المعرفة الحسية، لا يكفي الانفعال العابر بعظة نسمعها في أحد الاجتماعات، أو بحضور قداس نتعزى روحيا من خلاله، وإلا صرنا مثل قطعة الفحم التي عندما تشتعل من خارجها ثم تُترك جانبا دون أن ينفخ فيها أحد، تنطفئ سريعا مرة أخرى!.. مستوى الاشتعال المطلوب والمفيد لقطعة الفحم هو حين تشتعل هي ذاتُها من الداخل، لا الاشتعال من الخارج لمجرد الوجود بصورة عابرة أو مؤقتة وسط الفحم المشتعل.. هكذا نحن، معرفتنا الحسية بالرب إلهنا لا تنمو من خلال الاكتفاء بدور تلقِّي المعرفة، بل تتعمق من خلال الصراع في المخدع بالصلاة والقراءة، فتصير لنا الحرارة الروحية النابعة من الداخل.. لا يكفي مثلا، حضورنا اجتماع درس كتاب أو اجتماعا أسبوعيا كمجرد مستمعين دون أن يكون لنا بعد ذلك جهادنا الشخصي في الحديث مع الرب إلهنا بالصلاة.. ولا يفيد أن نؤدي صلواتنا ’كما لقوم عادة‘ أو كما لو كانت ’تعويذة‘ للبركة، دون أن يكون لنا التلامس القلبي الداخلي مع الله، لئلاَّ ينطبق علينا قول الرب: ”هَذَا الشَّعْب قَدِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ بِفَمِهِ وَأَكْرَمَنِي بِشَفَتَيْهِ وَأَمَّا قَلْبُهُ فَأَبْعَدَهُ عَنِّي“ (إش29 :13).. هكذا فِكرُ التوبة الحقيقية، يتضمن المعرفة الوجدانيَّة الحسِّية التي تظهر في مشاعر وعلاقة خاصة تربط بيننا وبين ربنا..
(ثالثا) المعرفة الاختبارية:
هذه هي درجة التطبيق العملي والسلوكي لفكر التوبة، وهي بمثابة الخبرة الاختبارية في تطبيق المعلومات العقلية.. لا يمكننا أن نتصور شخصا ممسكا بالكتاب المقدس تحت إبطه جيئة وذهابا، بينما لا يمكنه أن يسامح أخاه عند حدوث نزاع معه! ولا يمكننا أن نتصور شخصا يتناول كل يوم من الأسرار المقدسة، وعند عودته للبيت يعلو صوته ويرتفع صراخه في البيت وفي الموجودين به!.. من غير المعقول أو المقبول أن تكون المعلومات العقلية غير مطبَّقة عمليا وسلوكيا، أو غير منعكسة في المعاملات مع الآخرين..
مثلا.. يقول السيد المسيح : ”فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئاً عَلَيْكَ، فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ وَاذْهَبْ أَوَّلاً اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ“ (مت5 :23، 24).. وهكذا لا تسمح قوانين الكنيسة للمتخاصمين بالتناول من الأسرار المقدسة.. فأي سبب للخصام والخصومة يستحق الحرمان من جسد الرب ودمه؟! كم منا يقيِّم جسد المسيح ودمه بكفَّة ميزان مقابل خصومته، ليقول لنفسه سوف أتصالح مع من هم حولي حتى وإن كانوا هم المخطئين في حقي؟؟ ”وَإِنْ أَخْطَأَ إِلَيْكَ أَخُوكَ فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا. إِنْ سَمِعَ مِنْكَ فَقَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ“ (مت18 :15)
(رابعا) المعرفة الاتحادية:
بهذه الدرجة يسمو بنا فكرُ التوبة الحقيقية لنصل إلى ”.. قِيَاسِ قَامَةِ مِلْءِ الْمَسِيحِ“ (أف4 :13).. هذه المعرفة الاتحادية نأخذها خطوة خطوة في كل مرة نتناول فيها من جسد الرب ودمه.. إن من يسلك في حياة التوبة بدرجاتها المتكاملة يشبه لوحة تكتمل ملامحها خطوة خطوة حتى تصل إلى الصورة المكتملة..
إنني في الواقع كل مرة آخذ فيها ’معرفة عقلية‘، وأطبقها ’حسِّيا‘، وأختبرها ’سلوكيا‘ : تتقدم صورتي خطوة نحو الاكتمال؛ فتكتسي حياتي بصورة من صور ربنا يسوع المسيح، وهكذا’يَزِيدُ‘هو، وأنا ’أَنْقُصُ‘، على حد قول القديس يوحنا المعمدان (يو3 :30)، وأصير شاهدا حقيقيا للرب يسوع المسيح، مثلما قال لتلاميذه قبل صعوده : ”تَكُونُونَ لِي شُهُوداً.. وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ“ (أع1 :.. وأصير أنا نفسي إنجيلا مقروءًا مثلما َقَالَ لَهُمُ: ”اِذْهَبُوا إِلَى الْعَالَمِ أَجْمَعَ وَاكْرِزُوا بِالإِنْجِيلِ لِلْخَلِيقَةِ كُلِّهَا“ (مر16 :15)..
كلما طبقتُ على حياتي درجات المعرفة هذه، أتحد بالمسيح أكثر.. أقترب منه أكثر.. أصير أكثر شبها به.. بحيث ”أَحْيَا لاَ أَنَا بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ“ (غل2 :20)..
sylvia skafi2- مشرف عام
- عدد الرسائل : 912
العمر : 49
تاريخ التسجيل : 09/05/2009
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى